نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كذبة التخفيف الضريبي الكبرى!, اليوم الأحد 19 يناير 2025 12:18 مساءً
مرة أخرى ولا نعتقد أنها ستكون الأخيرة في عهد هذه الحكومة التي راهن عليها الكثير من المغاربة في تحسين ظروف عيشهم، ولاسيما أن الحزب الذي يقودها "التجمع الوطني للأحرار" كان قد رفع شعار "تستاهل الأحسن" خلال الاستحقاقات الانتخابية التي شهدتها بلادنا في 8 شتنبر 2021، يصاب آلاف المتقاعدين بخيبة أمل كبرى عند توصلهم بمعاشات الشهر الأول من السنة الميلادية الجديدة 2025، حيث أنهم كانوا ينتظرون بشوق كبير أن تحظى منحهم الشهرية بزيادة في مستوى انتظاراتهم، وفق ما بشرهم به الوزير المكلف بالميزانية فوزي لقجع، وهو يتحدث أمام البرلمان عن التخفيف الضريبي الذي سيساهم بشكل واضح في رفع معاشات التقاعد.
فكيف لا يصاب هؤلاء المستفيدون من المعاشات المدنية والعسكرية بصدمة قوية فور تسلمهم منحهم الشهرية، وقد زف لهم الصندوق المغربي للتقاعد في بلاغ صحافي قبل يوم واحد فقط من تحويل معاشاتهم إلى الأبناك، أنه جرى بموجب القانون رقم 60.24 المتعلق بقانون المالية لسنة 2025، تفعيل جدول الضريبة على الدخل الجديد ومبلغ الخصم السنوي المتعلق بالأعباء العائلية، وكذا إعفاء المعاشات المدفوعة في إطار أنظمة التقاعد الأساسي من الضريبة على الدخل في حدود 50 في المائة من مبلغ هذه الضريبة. كما أوضح أن قيمة المعاشات المعنية بهذه المقتضيات ستعرف زيادة في مبالغها الصافية ابتداء من شهر يناير 2025، وأنه بمقتضى هذا الإجراء أصبح 94 في المائة من المستفيدين من هذه المعاشات الأساسية معفيين تماما من الضريبة على الدخل؟ !
نعم أصيب المعنيون بهذا التخفيف الضريبي بصدمة قوية، ولم يجدوا من مثل ينطبق على هذه الفرية الحكومية الجديدة أفضل من المثل العربي القائل "تمخض الجبل فولد فأرا"، إذ أنهم كانوا يتوقعون من "حكومة الكفاءات" أن تأتي بما لم تستطع تحقيقه سابقاتها على مدى العقود الماضية، بعد ظلت كافة فئات المتقاعدين تعاني من التهميش والإقصاء ولا تشملها أي زيادة من تلك الزيادات في الأجور التي يحظى بها من حين لآخر الموظفون والمستخدمون، خاصة أن الوزير المكلف بالميزانية لم يفتأ يهلل لهذا الإجراء الحكومي غير المسبوق، وإلا ما معنى أن يتوصل المتقاعد بعد طول انتظار بزيادة في معاشه لا تتجاوز 30 (ثلاثون) درهما، وهي الزيادة التي لا تساوي حتى ثمن قنينة غاز من الحجم الكبير في الوقت الراهن (50 درهم) والمرشح سعرها لزيادات قادمة.
فبعد هذا البهتان لا نعلم أين سيولي الوزير لقجع وجهه من المتقاعدين المعنيين، وهو الذي ما فتئ يتفاخر بهكذا إنجاز تاريخي و"إصلاح" فريد من نوعه، إذ قال في معرض رده على أسئلة البرلمانيين خلال جلسة عمومية بمجلس المستشارين خصصت لمناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2025، ولاسيما في الشق المتعلق بالضريبة على الدخل، أن ما أقدمت عليه الحكومة في هذا الشأن كان يتطلب الشجاعة، مؤكدا أن الموظفين والأجراء يستحقون الأفضل، وأضاف بأنها المرة الأولى في بلادنا التي تقرر فيها الحكومة إعفاء المتقاعدين بشكل كامل ونهائي من الضريبة على الدخل، وأن هذا الإجراء مهم وأساسي يستحقه المتقاعدون الذين أفنوا حياتهم في خدمة الوطن، سواء في القطاع العام أو الخاص، وأورد كذلك بأن هذا الإجراء كلف ميزانية الدولة مليار و200 مليون درهم، يا سلام على "إصلاحات" أخنوش ورباعتو من العباقرة ! ألا يعتبر مثل هذا الإجراء الحكومي ضحكا على ذقون المتقاعدين، يا أهل الحل والعقد؟ وأمام هذه الاستفزازات المتواصلة، لا يسعنا إلا أن نقول "حسبنا الله ونعم الوكيل"
من هنا وفي ضوء هذا الافتراء الحكومي المكشوف، يتضح جليا أن ما ظلت الحكومة تتبجح به من إعفاء ضريبي ليس له أي أثر مادي إيجابي على معاشات المتقاعدين، اللهم إلا تلك الفئة من علية القوم، وأن المتقاعدين البسطاء وهيئاتهم لم يكونوا على خطأ وهم يطالبون في أكثر من مناسبة بتفعيل مبدأ تطبيق الزيادة في المعاشات عند أي زيادة في الأجور يستفيد منها الأجراء، خاصة أن القانون رقم 011.77 المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية، في الفصل 44 مكرر، ينص على أنه "يضاف إلى معاشات التقاعد ومعاشات المستحقين عن أصحابها بمقتضى هذا القانون، كل زيادة تطرأ على المرتب الأساسي المخصص للدرجة والسلم والرتبة، أو الطبقة التي كان ينتمي إليها فعلا الموظف أو المستخدم عند حذفه من سلك الموظفين أو المستخدمين التابع له"
صحيح أن فوزي لقجع حقق نجاحات غير مسبوقة في مجال كرة القدم الوطنية، وأنه بفضل التعليمات والرؤية الملكية المستنيرة استطاع النهوض بالبنيات التحتية والتكوين والحكامة، فضلا عن مستوى النتائج الإيجابية التي ما انفكت تحققها المنتخبات المغربية بمختلف فئاتها خلال السنوات الأخيرة، بيد أنه في المقابل أخفق كثيرا في رد الاعتبار لفئة المتقاعدين، الذين قال عنهم بأنهم يستحقون الأفضل نظير ما أسدوه من خدمات جليلة في سبيل رفعة الوطن. وعليه، فإننا لن نجد أمام هذا الإجحاف أفضل من قوله تعالى في سورة الزمر الآية الكريمة 31: "ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون".
0 تعليق