أ. د/ محمد مختار جمعة يكتب: الوعي في مواجهة الشائعات

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أ. د/ محمد مختار جمعة يكتب: الوعي في مواجهة الشائعات, اليوم السبت 18 يناير 2025 02:40 مساءً

بناء الوعي أحد أهم الأسلحة إن لم يكن أهمها في مواجهة التحديات المحيطة بنا، ولا سيما مخاطر الإرهاب والفكر المتطرف والجماعات المتطرفة، والشائعات الكاذبة الهدامة، فكل جملة وعي رشيد يمكن أن توفر نقطة دم في المواجهة، فلم تسقط دولة عبر التاريخ إلا كان التآمر وخيانة بعض أبنائها أو تخاذلهم عن نجدتها والدفاع عنها أحد أهم عوامل سقوطها، فالعدو المتربص إنما يتمكن من الدول التي يصيبها التفسخ والتناحر والشقاق، ولا شك أن نشر الشائعات أحد أهم أسلحته في ذلك.

 

وقد برزت في عالم اليوم حروب جديدة منها: الحرب النفسية، والحرب الإعلامية، والحرب الإلكترونية، وحرب العصابات والميليشيات، وحرب الشائعات، التي يشوه فيها الوطنيّون الشرفاء، ويُدعم فيها الخونة والعملاء لأعداء أوطاننا وأمتنا العربية والإسلامية.

 

ولم يعد تشكل الجيوش في الحاضر كتشكيلها في الماضي، حيث كانت الجيوش في السابق تقسم على خمسة أقسام هي: المقدمة، والمؤخرة، والميمنة، والميسرة، والقلب، غير أن تشكيل الجيوش صار في عالم اليوم مختلفًا، وصارت الحرب الفكرية والنفسية والمعلوماتية هي المقدمة الحقيقية التي تعمل الدول على هزيمة أعدائها نفسيًا من خلالها، لتصبح فريسة سانحة وصيدًا سهلاً عند دوران عجلة الحرب العسكرية إنْ اضطرت إليها، ذلك أن أكثر الدول المعتدية الآثمة ترى أن إسقاط الدول من داخلها بأيدي  بعض الخونة من أبنائها والمرتزقة المأجورين معهم أقل كلفة بكثير من الحروب التقليدية.

 

وهو ما يستدعي فهم الآتي بدقة:

1- أن الحرب النفسية تعد من أهم الوسائل الرئيسية لحروب الجيل الرابع التي يستخدمها أعداؤنا في توظيف وتجنيد الإرهابيين لتحطيم الجبهة الداخلية في دولنا، والتشكيك في قدرات الدولة الوطنية ومنجزاتها ومؤسساتها، مستخدمين في ذلك مواقع التواصل الاجتماعي، والفضائيات لترويج الأكاذيب من خلال استخدام سلاح المال والعملاء.

 

2- أن تلك الحملات الهدامة التي تروج للشائعات والفكر المتطرف ممولة ومدعومة بإمكانات ضخمة، عبر بعض الفضائيات وكثير من مواقع التواصل، وهو ما يدخل في إطار الإرهاب المعلوماتي، ويرتبط هذا الأسلوب إلى حد كبير بالمستوى المتقدم الذي أصبحت تكنولوجيا المعلومات تؤديه في كل مجالات الحياة .

 

وأؤكد أن حيل الأعداء لإسقاط منطقتنا وإفشال دولها الواحدة تلو الأخرى لم ولن تنتهي أو تتوقف،  مستخدمين كل ما يمكن أن يطلق عليه حروب الجيل الرابع والجيل الخامس، إلى ما يمكن أن نعتبره حالة خاصة صنعت لإنهاك منطقتنا واستنزاف مواردها، من خلال استخدام كل الوسائل غير المشروعة من توظيف الإرهاب وتبني الإرهابيين ودعمهم، وتعظيم أمر الخيانات، وشراء الولاءات، ومنهجة استخدام سلاح الشائعات، وتُوظيف الكتائب الإلكترونية، والمحاولات المستميتة في إثارة الشعوب وتأليبها على حكامها، وتشويه الرموز والمكتسبات الوطنية، والتشكيك في كل الإنجازات والتهوين من أمرها، ومحاولة كسر إرادة الشعوب، والتشكيك في العلماء والمفكرين والمثقفين الوطنيين، ودعم مناوئيهم، وتوجيه رسائل التهديد المبطنة تارة والصريحة أخرى للمتمسكين بمبادئهم المخلصين لأوطانهم الحريصين على أمنها واستقرارها.

 

3- هذا هو حالهم معنا ولن يتغير ، فماذا عن حالنا نحن، فالخطر كل الخطر أن نقف موقف المتفرج أو المتردد، بل يجب أن نكون في سباق مع الزمن، ونقدر مخاطر الظرف الراهن لأمّتنا،  وأن يعمل كل المعنيين ببناء الوعي الغيورين على أوطانهم المدركين لحجم التحديات على تحصين أوطاننا من مخاطر السقوط أو الوقوع في فخ الهزيمة النفسية، مع الحرص على دعم جيوشنا الوطنية لتظل قوة ردع وحائط صد عن أوطاننا وأمتنا وعزتنا وكرامتنا بل وحياتنا وأعراضنا ومقدراتنا الوطنية.

 

4- التصدي بقوة وحزم لتلك الشائعات الكاذبة ومروجيها، وبيان خطورتها على أمن الوطن واستقراره، فقد وصف القرآن الكريم كل من يعمد إلى نشر الأخبار الكاذبة بالفسق، فقال سبحانه: "يا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ". ويقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع". ويقول صلى الله عليه وسلم: "وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم".

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق