نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إيران واتفاق غزة.. خطاب النصر بين الدعاية وضغوط الواقع, اليوم الجمعة 17 يناير 2025 07:53 صباحاً
وصف الحرس الثوري الإيراني اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بـ"الهزيمة الخطرة" لإسرائيل، محذراً من احتمالية خرق الاتفاق ومطالباً بـ"الجهوزية لجولات جديدة".
هذا الوصف يعكس الاستراتيجية الإعلامية الإيرانية الرامية لتعزيز مكانتها كداعم للقضية الفلسطينية، لكنه يفتح باب النقاش بشأن مدى واقعية هذه الادعاءات، خاصة في ظل الضغوط الإقليمية والدولية التي تواجه طهران ومحورها.
إيران وتصوير النصر.. خطاب دعائي أم استراتيجية مدروسة؟
يرى المرشد الإيراني علي خامنئي أن "صمود المقاومة الفلسطينية ومسماها جبهة المقاومة أجبر إسرائيل على التراجع"، واصفاً ذلك بأنه امتداد للانتصارات السابقة التي يدّعيها محور المقاومة.
هذا الموقف تكرّر بعد وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل عام 2006، حيث وصف خامنئي آنذاك النتيجة بـ"الانتصار الكبير للمقاومة".
ومع ذلك، فإن الواقع على الأرض قد يكون أكثر تعقيداً. ويؤكد الباحث السياسي صالح القزويني خلال حديثه للتاسعة على سكاي نيوز عربية أن إسرائيل لم تحقق أهدافها في الحرب الأخيرة، قائلاً: "نتنياهو أعلن أنه لن يوقف الحرب إلا بعد استعادة الأسرى، لكنه لم يتمكن من ذلك، حيث أكدت المقاومة أنه لن يحصل على أي شيء دون اتفاق".
في المقابل، يشير القزويني إلى أن إيران ترى نفسها منتصرة من خلال تعزيز دعمها للمقاومة الفلسطينية، سواء بالسلاح أو التمويل.
كما أكد أن "إيران لم تنكر دعمها لحماس والفصائل الفلسطينية المسلحة، وهي تراهن منذ أكثر من 20 عاماً على أن المقاومة المسلحة هي الخيار الأفضل لمواجهة إسرائيل".
إسرائيل وأهدافها.. نجاح نسبي أم تعثر استراتيجي؟
بينما يدعي الحرس الثوري أن الاتفاق يمثل "هزيمة خطرة لإسرائيل"، فإن تقييم الباحث حسين عبد الحسين يعكس منظوراً أميركياً مختلفاً. عبد الحسين يرى أن إسرائيل قد حققت أهدافاً استراتيجية، قائلاً: "التقييم الأميركي يعتبر أن إسرائيل نجحت في تدمير البنية التحتية لحماس، على الرغم من الخسائر الكبيرة التي لحقت بالمدنيين في غزة".
لكن عبد الحسين يشير إلى أن هذه الحرب تكشف تراجعاً تدريجياً في نفوذ إيران الإقليمي، خاصة بعد الضربات التي تعرض لها حزب الله في لبنان وتراجع الحضور الإيراني في سوريا. يقول: "الوقت قد حان لإجبار إيران على التخلي عن برنامجها النووي وتعديل سياساتها الإقليمية، خاصة مع تراجع قدرة طهران على دعم حلفائها في المنطقة".
إيران تحت الضغط...تحديات داخلية وإقليمية
التحديات التي تواجهها إيران ليست مقتصرة على الضغوط الدولية، بل تتجاوز ذلك إلى أزمات داخلية واقتصادية تعيقها عن الحفاظ على نفوذها الإقليمي.
الباحث صالح القزويني يؤكد أن "العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران جعلت من الصعب عليها دعم حلفائها في لبنان وغزة بنفس القوة السابقة".
من ناحية أخرى، يبدو أن إدارة الرئيس الأميركي المتخب دونالد ترامب كانت ترى أن إنهاء الحرب في غزة خطوة ضرورية لتوجيه التركيز نحو مواجهة إيران.
ويضيف عبد الحسين: "رؤية ترامب كانت تهدف إلى تحقيق معاهدات سلام جديدة في الشرق الأوسط".
اتفاق غزة.. مكاسب مؤقتة أم بداية لمعادلة جديدة؟
الحرس الثوري الإيراني لا يخفي اعتقاده بأن اتفاق وقف إطلاق النار يمثل "انتصاراً لمحور المقاومة"، لكنه في الوقت ذاته يحذر من احتمالية خرق إسرائيل للاتفاق.
هذا الموقف يعكس إدراكا إيرانيا بأن الصراع مع إسرائيل لن ينتهي بهذه الجولة، بل ربما يكون مقدمة لجولات أشد تعقيداً.
على الجانب الآخر، يرى عبد الحسين أن الاتفاق يمثل فرصة لإعادة ترتيب الأوراق الإقليمية. ويقول: "إسرائيل والولايات المتحدة تضعان نصب أعينهما تقليص النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، وهو ما قد يمهد الطريق لضغوط أكبر على طهران فيما يخص برنامجها النووي وسياساتها الإقليمية".
ورغم الترويج الإيراني لاتفاق غزة كـ"هزيمة خطرة لإسرائيل"، إلا أن الواقع يشير إلى صورة أكثر تعقيداً. فإيران تواجه تراجعاً تدريجياً في نفوذها الإقليمي وضغوطاً داخلية ودولية متزايدة. وفي المقابل، تجد إسرائيل نفسها أمام تحديات أمنية ودبلوماسية مستمرة.
الاتفاق الأخير قد يكون محطة مؤقتة في صراع طويل الأمد بين محور المقاومة وإسرائيل، لكنه يعكس أيضاً التحولات الكبرى في ميزان القوى الإقليمي. وبينما تواصل إيران التمسك بخطاب النصر، يبقى السؤال: هل هذا النصر دعائي فقط، أم أنه يعكس تحولاً حقيقياً في المعادلة؟
0 تعليق