مع الشروق .. نزول الأمطار .. شُحّ السدود.. والأمن المائي

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق .. نزول الأمطار .. شُحّ السدود.. والأمن المائي, اليوم الخميس 16 يناير 2025 09:56 مساءً

مع الشروق .. نزول الأمطار .. شُحّ السدود.. والأمن المائي

نشر في الشروق يوم 16 - 01 - 2025

2340848
مع تواصل نزول الأمطار على بلادنا منذ مدة، يتزايد الجدل – كما في كل فصل شتاء - حول تأثيرها على مخزون مياه السدود، في ظل ما يروج من أرقام رسمية تؤكد استمرار ضعفه مقارنة بكميات الأمطار التي تنزل.. وهو جدل يتكرر كل مرة ويحمل بين طياته تساؤلات عديدة حول مآل مياه الأمطار الغزيرة التي تحملها الأودية والمجاري والتي من المفروض أن يكون مُنتهاها السّدود.. وإلى حدود 15 جانفي الجاري، لم تتعدّ نسبة امتلاء سدودنا 26.7 % من طاقتها الاجمالية، وهو ما يعادل 626 مليون متر مكعب. وهي نسبة تبدو ضعيفة ولا تعكس في نظر كثيرين كميات الأمطار التي نزلت على بلادنا طوال شهر ديسمبر والنصف الأول من جانفي.
هذه النسبة الضعيفة دفعت بالبعض إلى القول إن خللا ما يكمن في منظومة السدود. فالبعض يعتبر ان السبب هو امتلاء السدود بالأتربة والرواسب الطينية التي تمتص الجزء الأكبر من المياه المتجهة نحو السدود. ويقول آخرون أن عديد الاودية والمجاري التي تتجمع فيها مياه الأمطار لا تتجه كلها نحو السدود ويكون مصيرها البحر. بينما يؤكد آخرون أن نزول الأمطار بغزارة لم يعد يشمل بدرجة أولى مناطق الشمال التي توجد بها اغلب سدود البلاد بل أصبح يشمل كذلك مناطق الوسط والجنوب خاصة المناطق الساحلية الشرقية منه والتي لا توجد بها سدود كثيرة. وهو ما يجعل مياه الأمطار الغزيرة التي تنزل هناك تتجه نحو البحر مباشرة عبر المجاري والاودية.
وضعية مائية حرجة أصبحت تؤكد ضرورة التفكير فيها حتى تتفادى بلادنا في قادم السنوات أزمة مياه حادة قد تؤثر بدورها على أمننا الغذائي. فتغيير خارطة السدود أو على الأقل تطويرها أصبح أمرا مؤكدا وذلك من خلال التفكير في إحداث سدود جديدة بمناطق الوسط والجنوب خاصة في الجهة الساحلية الشرقية حتى لا تضيع مياه الأمطار التي أصبحت تنزل هناك بغزارة في السنوات الأخيرة. وتنظيف سدود اقصى الشمال من الرواسب الترابية والطينية خاصة السدود التي تشهد أحيانا نسبة امتلاء تناهز 100 % يبدو بدوره ضرورة قصوى حتى تقدر تلك السدود على تجميع أقصى ما يمكن من مياه. وبالإضافة الى السدود تبدو الحاجة أكيدة أيضا لإعادة احياء تجربة البحيرات الجبلية التي تمثل حلا مهما للحفاظ على مياه مجاري الأمطار خاصة في المناطق التي لا توجد بها سدود..
ولا يجب أن تقتصر الحلول المائية على مياه الأمطار فقط خاصة في ظل تراجع معدل التساقطات في السنوات الأخيرة. فتطوير استغلال المياه الجوفية العميقة في مختلف أنحاء البلاد أصبح ضرورة مؤكدة خصوصا أن دول الجوار بصدد استغلالها بطريقة مثلى وتمكنت بفضلها من تحويل أراض صحراوية قاحلة الى حقول خصبة.. والتوجه أكثر نحو تحلية مياه البحر أصبح لا مفر منه اليوم خاصة ان أغلب الدول التي تشهد أزمة شح مائي اتجهت نحوه وطورته ما مكّنها من توفير مياه الري ومياه الاستعمال الصناعي والخدماتي. كما أن الإجراء الذي وقع اتخاذه العام الماضي لتشجيع المواطنين على إقامة المواجل يبدو في حاجة الى مزيد من الجهود لدفع نسق تنفيذه، فيما يقترح آخرون استنباط آليات وحلول جديدة لتجميع مياه الأمطار التي تتدفق عبر الانهج والشوارع داخل المدن..
لا تسمح الوضعية المائية الحالية في بلادنا بمزيد الانتظار أو إضاعة الوقت. فاستهلاك المياه ارتفع بشكل كبير ومخزون السدود لم يعد كافيا لتلبية الطلب والحلول الحالية غير كافية لتحقيق الأمن المائي ومن ورائه الأمن الغذائي. وهو ما أصبح يُحتّم أكثر من أي وقت مضى تكثيف الجهود من مختلف الأطراف المتدخلة أولا للمحافظة على المخزون المتوفر وترشيد استهلاكه وثانيا للتوجه بنسق أسرع نحو الحلول الأخرى المتاحة قبل أن ننزل تحت خط " الفقر المائي".
فاضل الطياشي

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق