بدأت منطقة اليورو العام الجديد بتحقيق نمو متواضع؛ حيث ساهم استقرار قطاع الخدمات، يناير (كانون الثاني)، في تخفيف التباطؤ المستمر في قطاع التصنيع.
وارتفع مؤشر مديري المشتريات المركب الأولي لمنطقة اليورو، الذي أعدته «ستاندرد آند بورز غلوبال»، إلى 50.2 في يناير من 49.6 في ديسمبر (كانون الأول)، ليقترب من مستوى 50 الذي يفصل بين النمو والانكماش. وكان استطلاع أجرته «رويترز» قد توقع تحولاً طفيفاً إلى 49.7.
من ناحية أخرى، انخفض مؤشر نشاط قطاع الخدمات المهيمن في المنطقة إلى 51.4 من 51.6. ولكنه ظل فوق نقطة التعادل، وكان أدنى قليلاً من التوقعات التي أشارت إلى 51.5. وعلى الرغم من التحسن الطفيف في المؤشرات، بقي نمو الطلب فاتراً؛ حيث ارتفع مؤشر الأعمال الجديدة إلى 50.7 من 50.2.
أما في قطاع التصنيع، فقد تراجع التباطؤ الذي بدأ في منتصف 2022؛ حيث ارتفع مؤشر مديري المشتريات الرئيسي للقطاع إلى 46.1 من 45.1 في ديسمبر (كانون الأول)، بينما كان استطلاع «رويترز» قد توقع ارتفاعاً طفيفاً إلى 45.3. ورغم أن مؤشر قياس الناتج الذي يغذي المؤشر المركب ظل أقل من 50؛ فقد سجل ارتفاعاً ملحوظاً إلى 46.8 من 44.3. وهو أعلى مستوى له في 8 أشهر.
وفيما يتعلق بتكاليف المواد الخام، فقد شهد المصنعون، الذين واجهوا زيادة في هذه التكاليف، استقراراً في الأسعار التي فرضوها. وارتفع مؤشر أسعار المدخلات إلى أعلى مستوى له في 5 أشهر، مسجلاً 51.6 مقارنة بـ50.0.
إضافة إلى ذلك، ورغم التحسُّن الطفيف في النشاط، فقد خفضت الشركات عدد الموظفين في يناير، وإن كان ذلك بشكل بسيط. وارتفع مؤشر التوظيف المركب إلى 49.8 من 49.2، ليظل قريباً من نقطة التعادل.
وفي فرنسا، تراجع قطاع الخدمات بشكل أكبر في يناير 2025؛ حيث واجهت الشركات ضعفاً في الطلب وقلقاً سياسياً. وانخفض مؤشر نشاط الأعمال لقطاع الخدمات الصادر عن «إتش سي أو بي» إلى 48.9 في يناير من 49.3 في ديسمبر (كانون الأول)، مما جاء أقل من توقعات المحللين التي كانت عند 49.3 وأدنى من عتبة 50 التي تشير إلى النمو.
من جهة أخرى، شهد القطاع الخاص الفرنسي بشكل عام تحسناً طفيفاً؛ حيث ارتفع مؤشر الناتج المركَّب لقطاع مديري المشتريات إلى 48.3 من 47.5، متجاوزاً توقعات 47.7. بينما ارتفع مؤشر نشاط التصنيع إلى 45.3 من 41.9، متجاوزاً أيضاً توقعات 42.3.
وقال طارق كمال شودري، الخبير الاقتصادي في بنك «هامبورغ» التجاري: «اقتصاد فرنسا مخيب للآمال في بداية عام 2025… الأزمة السياسية هي العامل الرئيسي الذي يعوق الاقتصاد في البلاد». وأضاف: «التصويت المقبل على الموازنة لن يحدد فقط مصير حكومة رئيس الوزراء بايرو، بل سيقرر أيضاً الاستقرار الاقتصادي للبلاد».
كما تراجعت ثقة الأعمال في يناير؛ حيث كانت الشركات تقيم التوقعات للأشهر الـ12 المقبلة بشكل محايد، بعد أن كانت متفائلة قليلاً في الشهر السابق. وسجلت الشركات التي شملها الاستطلاع أسرع وتيرة لخفض الوظائف منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2020.
وفي تقرير منفصل، ذكر «المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية»، يوم الخميس، أن ثقة الأعمال انخفضت في يناير. وقال الشهر الماضي إن فرنسا ستشهد نمواً اقتصادياً ضعيفاً لكنه مستدام في النصف الأول من عام 2025، وذلك بسبب التأثير السلبي للدراما السياسية المحيطة بموازنة 2025 على المستهلكين والشركات.
أما في ألمانيا؛ فقد استقر نشاط الأعمال في القطاع الخاص في يناير، مما يمثل نهاية لانكماش استمر 6 أشهر حيث عوَّض نمو الخدمات الانخفاض المستمر في الناتج الصناعي. وارتفع مؤشر مديري المشتريات الألماني المركب «إتش سي أو بي»، الذي جمعته «ستاندرد آند بورز غلوبال»، إلى 50.1 في يناير، ارتفاعاً من 48 في ديسمبر (كانون الأول)، ليصل إلى أعلى مستوى في سبعة أشهر ويتجاوز عتبة 50 التي تفصل بين النمو والانكماش. وكان المحللون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا قراءة 48.2.
وقال سايروس دي لا روبيا، كبير الاقتصاديين في بنك «هامبورغ» التجاري: «يقدم مؤشر مديري المشتريات بعض الأمل في أن ألمانيا قد تنتشل نفسها من مرحلة الركود في العامين الماضيين».
وقد انكمش اقتصاد ألمانيا للعام الثاني على التوالي في عام 2024، مما يسلط الضوء على عمق التباطؤ الذي يجتاح أكبر اقتصاد في أوروبا. وأظهر قطاع الخدمات مرونة؛ حيث ارتفع مؤشر نشاط الأعمال لقطاع الخدمات في ألمانيا إلى 52.5 من 51.2، وهو أعلى مستوى له في 6 أشهر وأعلى من توقعات المحللين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم عند 51.
ورغم بقائه في منطقة الانكماش، تحسَّن مؤشر التصنيع إلى 44.1 من 42.5، متجاوزاً توقعات الارتفاع إلى 42.7. وقال دي لا روبيا: «ينكمش ناتج التصنيع بأبطأ معدل منذ منتصف عام 2024، كما تباطأ وضع الطلبات الجديدة قليلاً».
وأظهر المسح أن التصنيع واجه ضغوطاً كبيرة من المنافسة الدولية وتردد العملاء، وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي، على الرغم من أن معدل الانخفاض في أعمال التصدير الجديدة كان الأضعف في 8 أشهر.
ورغم التحديات في الطلب عبر القطاعين، أظهرت الشركات تفاؤلاً متزايداً بشأن النشاط المستقبلي، خصوصاً في التصنيع؛ حيث بلغت الثقة أعلى مستوياتها فيما يقرب من 3 سنوات.